احتراق شاشة الهاتف أصبحت حاليًا مشكلة شائعة مع انتشار الأجهزة المزودة بشاشات من نوع OLED. فقد يكون من المغري أن تملك هاتفًا بشاشة تعرض ألوان أكثر دقة، وأكثر توفيرًا لعمر البطارية، وتوفر مستوى تباين أعلى، لكن ما لا تعلمه أن هذه الشاشات تُعاني من مشكلة كبيرة قد تظهر مع مرور الوقت. ربما لم تواجهها بنفسك أبدًا، ولكن العديد من المستخدمين يشعرون بالقلق حيال إمكانية حدوث احتراق للشاشة عند التفكير في شراء الهواتف الذكية باهظة الثمن لأنها تزود عادًة بشاشة OLED. سنقوم من خلال هذه المقالة بالرد على جميع الأسئلة المهمة - ما المقصود باحتراق الشاشة، وأسباب الحدوث، وما الذي يمكن فعله لتجنب ذلك ؟
اولًا: ماذا يعني احتراق شاشة الهاتف ؟
مبدائيًا، كلمة "احتراق" هنا هي كلمة مخادعة بعض الشيء، حيث لا يوجد أي حرق فعلي على الشاشة، ولكن يتم استخدام هذه الكلمة للإشارة إلى أن الشاشة تعاني من تغير دائم للألوان في أي جزء فيها. قد يأخذ هذا شكل مخطط تفصيلي للنص أو الصورة، أو تبدو الألوان باهتة، أو أنماط أخرى ملحوظة على الشاشة. ستظل الشاشة تعمل كالمعتاد بعد حدوث هذه المشكلة، لكن في كل مرة تقوم فيها بتشغيل الشاشة، ستلاحظ خيال أو طيف في مكانًا ما ويظهر بشكل دائم لأن الخلل يكون في بنية الشاشة نفسها وليس متعلق بالرسوميات التابعة لتطبيق معين أو في اللوحة الأم الخاصة بالهاتف.
هذه المشكلة ليست بجديدة، فقد كانت تظهر على شاشات CRT القديمة عندما تحترق مركبات الفسفور العضوية التي ينبعث منها الضوء مع مرور الوقت، فتكون النتيجة أن الصور أو النصوص التي كانت معروضة على الشاشة تظل ظاهرة حتى بعد إطفائها. يمكن أن تظهر في شاشات LCD مشاكل مماثلة أيضًا، لكن هذا نادرًا ما يحدث بسبب اختلاف الطريقة التي تعمل بها بسكلات الـ LCD.
على الرغم من أنها ليست سيئة أو ملحوظة مثل مشكلة شاشات الـ CRT القديمة، إلا أن شاشات OLED الحديثة للهواتف الذكية قد تعاني من مشكلة مماثلة. ومع ذلك، من الصعب ملاحظتها إلا عند التحديق في الشاشة أو جعلها تضيء باللون الأبيض بالكامل، وعادةً ما يستغرق الأمر كثيرًا من الشاشة قبل ظهور أعراض المشكلة. وفي الغالب، تكون المناطق الأكثر عرضة للاحتراق هي منطقة شريط التنقل بالأسفل، ومنطقة شريط الاشعارات بالأعلى لأنها تظل ثابتة على الشاشة لفترة طويلة جدًا بالتزامن مع مدة استخدامك للهاتف. الصورة المرفقة بالأعلى توضح الفكرة بشكل أفضل.
ثانيًا: لماذا تحدث هذه المشكلة ؟
السبب الرئيسي في احتراق الشاشة هو دورة الحياة المختلفة للبكسلات المنتجة للضوء. مع مرور الوقت، تتقدم هذه البكسلات في العمر وبالتالي يتغير سطوعها والوانها وتقل كفاءتها بشكل كبير. هذا ينطبق على جميع الشاشات بلا استثناء. ولكن بالنسبة لمشكلة الاحتراق تحديدًا، فهي ناتجة عن وجود بكسلات معينة تتقدم في العمر أسرع غيرها. هذا يمكن أن يجعل الوان الشاشة باهتة في منطقة واحدة أكثر من أي مكان آخر، تاركًا ما يبدو وكأنه صورة خفية مطبوعة على الشاشة.
بفضل تقنية الشاشات الجديدة التي ظهرت مع الهواتف والساعات الذكية، يمكن أن يظهر احتراق الشاشة كنتيجة لدورة الحياة المختلفة بين وحدات البكسل الفرعية ذات اللون الأحمر أو الأخضر أو الأزرق المُستخدمة في شاشات OLED حيث لكل بكسل لون موحد. وكما ذكرنا من قبل، فإن المناطق التي تعرض نصوص أو صور أو علامات ثابتة، مثل أزرار شريط التنقل أو الأيقونات الصغيرة على شريط الاشعارات، هي أكثر المناطق التي تواجه هذه المشكلة على الأرجح.
وعمومًا، أي شيء مكون من لونًا واحدًا ونصًا واحدًا يُعرض على الشاشة فترة طويلة (5 ساعات مثلًا)، بينما بقية أجزاء الشاشة تكون متحركة وتنتج ألوان أكثر (مثل تصفح مواقع الويب ومشاهدة مقاطع فيديو وغير ذلك) سوف يؤدي إلى حدوث احتراق للجزء الثابت على الشاشة. السبب هو أن البكسلات الفرعية في هذا الجزء لا تُستخدم وتظل تعرض نفس الالوان لمدة زمنية طويلة وبالتالي تتقدم في العمر بشكل أسرع، فهذه طبيعتها. وتكون النتيجة النهائية حدوث اختلاف طفيف في إعادة إنتاج الألوان عند هذه البكسلات. هذا هو جوهر الاحتراق.
ثالثًا: هل يمكن تجنب احتراق شاشة الهاتف ؟
هناك بالفعل بعض النصائح والحلول الفعالة التي تمنعك من تجربة التعامل مع هاتف بشاشة محترقة؛ حتى أن بعض الشركات المصنعة باتت تقدم حلول برمجية لتجنب حدوث هذه المشكلة. على سبيل المثال، الشركات المصنعة للساعات الذكية قامت بتضمين وضع "الحماية من الحرق - Burn-in Protection" في نظام التشغيل. يعمل هذا الوضع بشكل دوري على نقل محتويات الشاشة باستمرار بدلًا من التركيز على بكسلات معينة، وبذلك كل مجموعة من بكسلات الشاشة تقضي وقتًا متساويًا في عرض ألوان مختلفة.
تستخدم الهواتف الذكية المزودة بتقنية Always-On display، شيئًا مشابهًا. فعندما تقوم بتفعيل هذه الخاصية ستلاحظ أن مكان الساعة يتغير مع كل مرة تقوم فيها بإغلاق وتشغيل الهاتف أو حتى بشكل تلقائي مع مرور الوقت.
إذا كانت شاشة هاتفك محترقة بالفعل، فلا يوجد الكثير مما يمكنك القيام به للتخلص من الضرر، فالأفضل هو استبدال الشاشة بأخرى. هناك تطبيقات على متجر جوجل بلاي تدعي أنها قادرة على حل هذه المشكلة، لكن في الواقع ما تفعله هو "حرق" بقية الشاشة لتتناسب مع ألوان المنطقة المتضررة، وهو ليس حل مثالي بالتأكيد. لكن إذا كنت مهتمًا بالمشكلة ولا تريد أن تحدث معك لاحقًا، فهناك عددًا من النصائح التي يمكنك إتباعها لإطالة عمر الشاشة والمساعدة في منع ظهور هذا الظلال المخيف على الشاشة.
1- تغيير إعدادات الشاشة
إعدادات الشاشة قد يكون مكانًا جيدًا لتبدأ خطوتك الأولى نحو تجنب حدوث مشكلة احتراق الشاشة. هناك بالفعل بعض التغييرات المؤثرة في ذلك، فبعد الوصول إلى قسم Display من الـ Settings أول ما يجب عليك فعله هو خفض مستوى السطوع إذا كان أعلى من 50% حيث أن مستوى السطوع المرتفع يؤثر سلبيًا على عمر البكسلات في شاشات الـ OLED أو AMOLED. قد يبدو الأمر سخيفًا أن تشتري هاتف باهظ الثمن ولا تستطيع رفع مستوى السطوع إلى أقصى حد، ولكن هذا ما هو عليه.
لاحظ أن المشكلة لن تظهر بمجرد رفع السطوع إلى 100% ولكن فقط إذا كانت الشاشة تعمل فترة طويلة على هذا الحال. يُفضل أن تقوم أيضًا بتفعيل خاصية السطوع المتكيف - Adaptive brightness. جنبًا إلى جنب تقصير توقيت الشاشة إلى 15 أو 30 ثانية بدلًا من دقيقة، حيث سيؤدي إيقاف تشغيل الشاشة عند عدم استخدامها إلى منع عرض الصور الثابتة.
2- إخفاء شريط التنقل
أشرنا عدة مرات إلى أن أكثر المناطق عرضة لحدوث مشكلة الاحتراق هي منطقة شريط التنقل وشريط الاشعارات لانها تظل ثابتة دائمًا بينما تتنقل بين التطبيقات. معظم واجهات المستخدم الخاصة بالاندرويد تسمح لك بإخفاء شريط التنقل وعرضه عند الحاجة، أو إخفائه نهائيًا والتعامل بالإيماءات بدلًا من الضغط على الازرار.
على سبيل المثال، في واجهة One UI الخاصة بهواتف سامسونج يوجد خيار Gesture hints في الإعدادات والذي عند تفعيله يتم إخفاء شريط التنقل تمامًا. فإذا أردت الرجوع إلى الخلف يكفي أن تقوم بالسحب إلى الاعلى من الحافة السفلية للشاشة. عمومًا، ابحث في الاعدادات عن شيئًا مشابهًا لتجنب عرض شريط التنقل بصفة دائمة.
أما بالنسبة لشريط الإشعارات، فلن تحتاج أن تقوم بإخفائه لأن الإصدارات الجديدة من نظام أندرويد أعطته ميزة التكيف حسب لون التطبيق. فعندما تقوم بفتح تطبيق فيسبوك - مثلًا - يكون لون الشريط أزرق بدلًا من شفاف. ذلك يساهم في تجنب حدوث مشكلة الاحتراق اثناء الاستخدام المطول للهاتف.
3- جعل خلفية الشاشة سوداء
لعل أهم ما يميز شاشات الـ OLED عن LCD أن اللون الأسود فيها يؤدي إلى إطفاء البكسلات نهائيًا كما لو كانت الشاشة مغلقة. هذا يعني أن استخدام خلفية سوداء يمكن أن يساهم في توفير استهلاك البطارية وأيضًا منع احتراق الشاشة نظرًا لأن معظم البكسلات لن تعمل. يمكنك تعيين صورة سوداء بالكامل أو فقط اختر خلفية بألوان أغمق وقم بتغييرها بين الحين والآخر.
4- تفعيل الثيم المظلم للوحة المفاتيح
إذا كنت تخوض مناقشات طويلة مع أصدقائك عبر تطبيقات التواصل المختلفة، فهذا يعني أن لوحة المفاتيح ستظل معروضة لفترة طويلة على الشاشة. هذا قد يؤدي إلى حدوث احتراق لشاشة الهاتف وجعل أزرار لوحة المفاتيح تبقى ظاهرة بشكل دائم على الشاشة. لذا ننصحك باستخدام لوحات المفاتيح التي توفر ثيمات سوداء لمنع تدهور اللون في النصف السفلي من الشاشة.
إذا كنت تشاهد مقاطع فيديو طويلة على اليوتيوب من الهاتف في الوضع الطبيعي حيث يتم عرض الفيديو بالأعلى والاقتراحات بالأسفل، فهذا أيضًا يجعل الشاشة عرضة لمشكلة الاحتراق. نظرًا لأن الجزء العلوي فقط من الشاشة هو المتحرك بينما الجزء السفلي يظل ثابتًا، فقد تجد في إحدى المرات بعد تشغيل الشاشة ان عنوان هذا الفيديو بالإضافة إلى الاقتراحات تكون مطبوعة بشكل دائم على الشاشة. الحل ببساطة هو مشاهدة الفيديو في وضع Full Screen.
على أي حال، فإن إحتراق الشاشة ليس شيئًا ينبغي أن يثير قلق العديد من المُستخدمين الذين يتطلعون إلى شراء هاتف جديد مزود بشاشة OLED. حيث تتميز شاشات الهواتف الحديثة بأعمار أطول بكثير من تلك الخاصة بالهواتف الذكية القديمة. فقط لا تترك صورة ثابتة على الشاشة مع أقصى مستوى سطوع لمدة زمنية طويلة وإلا ستجد هذه الصورة ظاهرة دائمًا على شاشة هاتفك.